السبت، 25 ديسمبر 2010

بعد أربعة عشر قرنا عُدنا يا ماأوميه !


بعد أربعة عشر قرنا عُدنا يا ماأوميه !
الدكتورة زينب عبدالعزيز
أستاذة الحضارة الفرنسية

تحت هذا العنوان الإستفزازى والكاشف عن حقيقة النوايا تناولت الصحف والمواقع التابعة للفاتيكان موضوع زيارة الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود لتلك المؤسسة المسيحية الفاتيكانية يوم 6 نوفمبر 2007 .

وأول ما نبدأ به هو كلمة "ماأوميه" التى يكتبها الغرب المسيحى المتعصب بدلا من "محمد" ، عليه صلوات الله ، بعد ان تم تحريف نطقها منذ أن بدأت محاربة الإسلام والمسلمين فى كافة المجالات وخاصة فى الآداب الفرنسية. لذلك نبدأ بالقول للعاملين فى تلك المؤسسة العتيقة : عار عليكم مواصلة تحريف نطق إسم سيد المرسلين ، فى الوقت الذى تعرفون كتابته جيدا إذا ما ارتبط بأى شخص آخر ، عار عليكم مواصلة استخدام الخطأ الشائع ـ كما يتذرع قائلا البعض منكم ، فلا يوجد ما يبرره إلا سوء النية التى تتحلون بها وتصرون عليها !.

ونعود إلى العنوان المتصدر لهذا المقال والذى كتبه موقع الفاتيكان ، وكتب تحته : "المسيحيون يعيدون إعمار السعودية بعد 14 قرنا يا ماأوميه " ! وهو ما يذكرنا بمقولة اللورد آلنبى حينما وضع قدمه على قبر صلاح الدين وقال : "لقد عُدنا يا صلاح الدين" ! وإن كان لهذه البداية المؤسفة من معنى ، فهى تكشف عن مدى التعصب الأكمه الذى يكبل تلك المؤسسة والعاملين بها وعن مدى بُعدهم عن مفهوم التسامح الذى يتغنون به !
ففى الرابع من شهر نوفمبر الحالى أعلن موقع الفاتيكان عن زيارة الملك عبدالله الثانى ، التى لا سابقة لها فى التاريخ ، وأنها أتت " نتيجة للإهتمام الكبير الذى يوليه بنديكت السادس عشر للعلاقات مع العالم الإسلامى ، وأنها نتيجة يمكن أن تتبعها نتائج أكثر إيجابية " .. ثم يضيف كاتب الخبر قائلا : " وننوه أنه منذ شهرين تقريبا كان البابا قد استقبل وزير خارجية السعودية ، الأمير سعود الفيصل ، وأن البلد الذى يحكمه الملك عبد الله الثانى هو من أكثر البلدان إحباطا فيما يتعلق بالحرية الدينية وحرية العبادة. فالقهر الذى يمارس ضد الأقليات الدينية ـ وفقا للإحصائيات المنشورة عام 2006 من منظمة "أوبن دورز" الدولية ، لا يوجد أسوأ منها إلا فى كوريا الشمالية " !

ويواصل البيان : " ففى السعودية والتى يُعد 93,7 % من تعدادها مسلمين ، "غير مسموح بامتلاك إنجيل أو إرتداء علامة صليب أو مسبحة مسيحية ، أو حتى أداء الصلاة علنا. ومن يجروء على مخالفة هذه المحاذير يعاقب فورا من المطوعين ، وهم البوليس الدينى المعروف بعدم تهاونه " ..

ثم يوضح البيان أنه " لا يخفى على أحد ان السعودية تود استخدام صورة مختلفة فى عالم الدبلوماسية الدولية . وهو مُعطى ترى النخبة السعودية أنها ورقة ضرورية بسبب صعود إيران أحمدى نجاد على الساحة الدولية ، وهو صعود تقوم الولايات المتحدة بدفع السعودية لإتخاذ مبادرات محددة. وبهذا المعنى ، فإن زيارة الملك عبد الله الثانى للبابا بنديكت السادس عشر يمكنها أن تعدُل من صورة السعودية ..

" ويمكن للفاتيكان أن يعمل إلى جانب العاهل السعودى بحيث تكون هذه الزيارة مقدمة لنقلة فى الدبلوماسية ، وخطوة أولى تجاه علاقات مستقبلية ، وإن كانت غير محتملة حتى اليوم ، خاصة وإن 3,7 % من الشعب السعودى من المسيحيين" ..

وقبل الإنتقال إلى باقى الموضوع نوضح للعاملين فى ذلك الفاتيكان أن عقود العمل لا تمنح الجنسية فى أى دولة من دول العالم ، وأن العمالة المسيحية فى السعودية موقوتة التواجد بموجب إنتهاء ذلك العقد ولا تحتسب من تعداد الشعب السعودى !
ويوضح ذلك البيان أن البابا بنديكت السادس عشر ، وبعد المعركة التى أثارتها محاضرته فى راتسبون ، "قد شجّع سفراء الفاتيكان على العمل مع سكرتارية الدولة لنسج علاقات صداقة وإحترام متبادل مع البلدان الإسلامية. كما طالب بجهد دبلوماسى كبير من خلال التعاون مع "النخب" فى مختلف البلدان الإسلامية ، الذين يُعد السلام والتسامح من أولوياتهم ، أى أنهم ضد الإرهاب ، وفى مقدورهم التوصل إلى نتائج محددة ".

ثم تأتى إشارة لها مغزاها إلى الكاردينال الفرنسى الأصل ، جان لوى توران ، رئيس المجلس البابوى للحوار بين الأديان ، " فهو الذى يرجع إليه القيام بمبادرة أى حوار ممكن مع العالم الإسلامى ، ومنها زيارة بعض الزعماء الدينيين للفاتيكان عقب خطاب البابا فى راتسبون ، وخاصة تلك المبادرة التى قام بها 138 من الزعماء الدينيين المسلمين والخطاب المفتوح الذى أرسلوه للبابا وللعديد من القيادات المسيحية مطالبين بتفعيل أكبر وصيتين " حب الله " و "حب القريب " كأساس وأرضية اتفاق للعلاقات القادمة. وهى نتيجة ضخمة جديرة بالملاحظة .

" ومثلما يتعيّن على الدبلوماسية الفاتيكانية أن تواصل نسج علاقات لها مغزاها مع مختلف الحكومات الإسلامية ، من قبيل ما بدأته بعد راتسبون ، فيمكن الإشارة إلى أن زيارة عبد الله الثانى ، داخل هذا الإطار ، تمثل خطوة لها مغزاها . فابتداء من يوم الثلاثاء 6 نوفمبر يمكن لكثير من الأمور أن تتغير خاصة بالنسبة للإقليات المسيحية فى السعودية وللثمانمائة الف كاثوليكى " ..

أما جريدة " لاكروا " الفرنسية المسيحية فقد أشارت يوم 6 نوفمبر إلى موضوع زيارة الملك عبد الله الثانى " رغم أنه لا توجد علاقات دبلوماسية بين البلدين " وإن المحادثات بين الطرفين قد تناولت الحوار بين الأديان " و " التعايش السلمى المثمر بين الرجال والشعوب " و " التعاون بين المسيحيين واليهود من أجل تفعيل السلام والعدل والقيم الدينية والأخلاقية " .

وتوضح إيزابيل جولمان ، مندوبة الجريدة فى روما " أن المراهنة هامة ، إذ أن السعودية ، منذ القرن الثامن عشر وتحالف عائلة سعود بالوهابية ، يحكمها نظام دينى شديد الصرامة ، فهى بلد اسلامى ترتبط فيه السياسة بالدين إلى اقصى حد وإن دستور االبلد ليس إلا القرآن ! ومن هنا ، وإعتمادا على حديث نبوى مشكوك فيه فإن السعودية تمنع رسميا إقامة أى دور عبادة غير مسلمة فى شبه الجزيرة العربية باعتبارها أرضا مقدسة . إلا أن هذه البلد أصبحت تضم اليوم مليون ونصف مسيحى ، أساسا من الفيلبين، وتطالب روما من أجلهم بالحرية الدينية " .

وتنهى الكاتبة مقالها قائلة : " ان الوهابية تتزايد فى إفريقيا وخاصة فى مالى . وبذلك فإن السعودية تمثل حليفا لا يستهان به للفاتيكان فى عملية الحوار الإسلامى-المسيحى. وعلى كل حال فإن عددا كبيرا من الموقعين على الخطاب المفتوح المرسل إلى البابا ومختلف المسؤلين المسيحيين ، موقّع عليه عدد كبير من رجال الدين السعودى " !!
وفى بيان صحفى صادر عن الكرسى الرسولى يوم 6 نوفمبر 2007 ، عقب الزيارة مباشرة ، أوضح " أن المحادثات قد دارت فى جو ودّى سمح بالتعرض لموضوعات تهم الطرفين، إذ أكدا خاصة على الإلتزام لصالح الحوار الثقافى والدينى ، وضرورة التعايش السلمى والمثمر بين الرجال والشعوب ، وبقيمة التعاون بين المسيحيين والمسلمين واليهود لتفعيل السلام والعدل والقيم الدينية والأخلاقية ، وخاصة مساندة الأسرة " .. كما تمت الإشارة إلى " الوجود الإيجابى للمسيحيين وعملهم فى السعودية " .
ويوضح البيان " أهمية زيارة خادم الحرمين وأنها تكتسى أهمية كبرى لأنها تأتى عقب عدة أسابيع من إرسال عدد من المسلمين ومنهم سعوديين ، خطابا مفتوحا إلى البابا". وانتهى البيان موضحا :" أن زيارة هذا الصباح من وجهة نظر حوار الأديان ليس لها نفس الثقل لو كان قد تم اللقاء بين بنديكت السادس عشر والشيخ طنطاوى الذى يترأس أهم مؤسسة إسلامية سُنية ، وهى مسجد الأزهر بالقاهرة. يبقى أن نقول أن لقاء اليوم قد ناشده فى آن واحد كل من الرياض والكرسى الرسولى" .

أما موقع "زنيت" ، التابع للفاتيكان أيضا ، فقد بدأ المضوع مشيرا إلى " قيمة التعاون المشترك بين المسيحيين والمسلمين واليهود من أجل إعلاء السلام وعدل والقيم الينية والأخلاقية" ـ وذلك " على الرغم من أن الكرسى الرسولى والسعودية لا يقيمان علاقات دبلوماسية" .. كما اشار الموقع إلى مودة الحديث بين الطرفين والتى سمحت بتناول موضوعات تهم الإثنين. كما تناول البيان مساهمة المسيحيين فى المجتمع السعودى. وفى إطار تمنيات الرخاء للبلدين ، التى عبر عنها الفاتيكان لكل سكان البلد أضاف البيان إشارة إلى الوجود الإيجابى البنّاء للمسيحيين بها ".

وأوضحت شبكة زنيت أن عدد المسيحيين المهاجرين ويعيشون على أرض المملكة السعودية هو من مليون ونصف إلى إثنين مليون ونصف ، إلا أن حريتهم الدينية معاقة فهم محرومون من الكتب الدينية والأشياء المسيحية كالصلبان ، كما أنه لا توجد كنائس ولا قساوسة إلا فى السفارات ، ويمنع تجمعهم من أجل صلاة مسيحية إذ أن كل أرض المملكة تُعد مسجدا ! كما تمت الإشارة إلى تبادل الأفكار حول الشرق الأوسط وضرورة إيجاد حل عادل للصراعات التى تعتمل فى المنطقة وخاصة الصراع الإسرائيلى الفلسطينى " ..

أما جريدة " الأوسرفاتورى رومانو" الفاتيكانية فقد أشارت يوم 6 نوفمبر إلى " أنه بفضل الملك عبد الله الثانى فإن المملكة السعودية قد قامت فى السنوات الأخيرة بدور هام من الوساطة فى صراعات الشرق الأدنى والأوسط ".

وفى اليوم التالى أشارت نفس الجريدة إلى ذلك اللقاء تحت عنوان " لقاء بين بنديكت السادس عشر وملك السعودية ، وعنوان فرعى يقول: "تحت علامة الحوار والتعاون .. الوجود الإيجابى والمثمر للمسيحيين فى السعودية " ..

وفى عرض مسهب نسبيا بادرت جريدة "لوفيجارو" الفرنسية بالإشارة "غير المتوقعة إلى إدخال اليهود فى هذا الحوار الثقافى والدينى بين الكاثوليك والمسلمين " ، وإلى أن الملك عبد الله الثانى يطمح فى تأكيد نوع من السيادة لنفسه فى العالم الإسلامى إذ قام عدة مرات بدور الوسيط فى مشكلة الشرق الأوسط ، وأنه ليس معاديا للغرب ، رغم عدم وجود تبادل سفراء بينه وبين الفاتيكان، وأن وزير خارجيته ، سعود الفيصل ، من المترددين على المدينة البابوية، إذ أنه قد تردد عليها عدة مرات قام خلالها بالإعداد لهذه الزيارة. وقد تم الترحيب بهذه الزيارة خاصة بعد إلغاء زيارة الشيخ طنطاوى فى الربيع الماضى.

كما أشار المراسل إلى أن الكرسى الرسولى لا يزال يتحسس الطريق ويقع أحيانا فى بعض الأخطاء ، إلا ان البابا قد أسند إلى الكاردينال جان لوى توران دور السباحة بين مختلف تيارات الإسلام . ورغم حنكته السياسية إلا أنه قد صدم شعور عددا من الموقعين ال 138 على الخطاب المفتوح للبابا ، وذلك بتصريحه أنه " لا يمكن التحاور مع الإسلام ، على الأقل ليس حاليا " . وقد أغفل الكاتب ذكر إنتقاد ان ذلك "التوران" كان قد قال : " طالما يعتقد المسلمون أن القرآن منزل من عند الله" !!.

وأوضح الكاتب أن خبراء الفاتيكان لا يزالوا يتفحصون الخطاب المفتوح ويحددون الجوانب الإيجابية فيه ، "إلا أنهم يتمعّنون فى الخليط المتداخل من الموقعين والذين كان من بينهم من قد مدح الإرهاب الإسلامى ذات يوم " ..

وفى 9 نوفمبر أعاد موقع الفاتيكان تناول الموضوع باسلوب المتحكم فى الأمر والموقف ، إذ بدأ بموضوع محاضرة البابا فى راتسبون قائلا : " واليوم ، وقد هدأ التراب الذى اثارته المظاهرات الموجهة سياسيا فى البلدان الإسلامية ، يمكن القول بأن "بابا راتزنجر" قد أدى خدمة جليلة لكل الأطراف ، إذ نجم عنها على الأقل عنصرين هما، أولا : الزيارة التاريخية لملك السعودية ، وهى واحدة من أكثر البلدان فى العالم التى لا تحترم فيها حقوق الإنسان وخاصة الحقوق الدينية ، موضحا أن البابا لم يقلها صراحة وبوضوح كامل : " أن منع القساوسة والأناجيل بمختلف أنواع العقوبات ليس الطريقة المثلى لتوضيح أن القرآن والإسلام متفتحان ـ كما يتغنى بذلك عشاق الأماكن المقدسة الموروثة من عصر التنوير ".

وثانيا : " الخطاب الذى وقّع عليه 138 من "حكماء" 43 دولة موجهينه إلى قادة المسيحية. ووفقا للقس المصرى الجزويتى سمير خليل سمير " فإن بنية هذا الخطاب تعتمد بوضوح على حب الله وحب القريب. وهو موقف غير تقليدى فى فكر وفى بنية العقلية اللاهوتية الإسلامية ، إذ ان حب الله هو تعبير مسيحى صرف ، وهى عبارة نادرة الوجود فى التراث الإسلامى. ومن الواضح أنه خطاب نوايا حسنة يبحث عن إيجاد أرضية مشتركة للتعاون" ..

وإذا ما قمنا بتحديد النقاط الواردة فى مختلف هذه العروض لزيارة الملك عبد الله الثانى ، وأغلبها إصدارات فاتيكانية متوافقة الهدف والمطلب ، لرأينا ما يلى :
* أن هذه الزيارة سوف يتبعها خطوات إيجابية لصالح الفاتيكان والمسيحية .
* التأكيد على القهر الواقع على المسيحيين فى السعودية وعدم وجود حرية دينية بها.
* استغلال الوضع والأهداف السياسية للحصول على مكاسب دينية.
* إظهار أن البابا كان محقا فى الخطاب الذى ربط فيه بين الإسلام والإرهاب وان هذا التقارب الجارى حاليا المسلمون هم الذين سعوا إليه.
* أن كل التحركات التى تبدو وكأنها من طرف المسلمين هى فى واقع الأمر تتم بتوجيه من الفاتيكان وتحت إشرافه.
* أن خطاب ال138 من "النخب" و"عقلاء" المسلمين قد تم يتوجيه من الكاردينال جان لوى توران ، رئيس اللجنة البابوية للحوار مع المسلمين.
* تكرار عبارة أنه لا توجد علاقات دبلوماسية بين المملكة السعودية والفاتيكان.
* تكرار التأكيد على المعاناة التى يتعرض لها المسيحيون فى المملكة وعدم إمكانية ممارستهم دينهم علنا.
* المطالبة ببناء كنائس وإدخال قساوسة لغرس الإنجيل فى أرض المملكة.
* رفض حقيقة أن السعودية بأسرها أرض مقدسة وأن منع بناء الكنائس قائم إعتمادا على حديث نبوى مشكوك فى أمره ، وبالتالى فلا يجب أن يعتد به فى نظرهم !
* المزايدة الفجة فى أعداد العمالة المسيحية فى المملكة السعودية ورفعها بنسب غير معقولة من ستمائة الف فى أحد المقالات ، إلى مليون ، ثم إلى مليون ونصف ثم إلى مليونان ونصف ..
* تكرار الإشارة إلى إسهام هذه العمالة البنّاء فى تنمية السعودية.
* إقحام اليهود فى هذا الحوار وفى الخطاب المفتوح المرسل للبابا والقادة المسيحيين.
* توضيح أنه رغم أهمية هذه الزيارة فهى فى نظرهم ليست بأهمية زيارة شيخ الأزهر التى تم إلغاؤها فى الربيع الماضى.

وفى نهاية هذا العرض لأصداء زيارة الملك عبد الله الثانى ، عاهل المملكة السعودية للفاتيكان ، مع تحفظنا الشديد على تنازله وذهابه إلى هناك دون ان يكون البابا بنديكت السادس عشر قد إعتذر رسميا وبوضوح تام لا شبهة فيه ، عن إساءته المتعمدة للإسلام والسلمين ، وربطه عمدا بين الإرهاب والإسلام ، فلا نملك إلا الإشارة إلى أن هناك مصيبة ما يتم الإعداد لها ، وذلك بتعاون بعضا ممن يطلقون عليهم "النخبة" و"العقلاء" الذين يهون عليهم المساس بدينهم وبأوطانهم ..

فالربط بين محاضرة البابا فى راتسبون وإظهار أن المسلمين يسعون حثيثا لإرضائه وأنه كان محقا فيما قاله من سب وتُهم ، وبين الخطاب الفضيحة الذى وقع عليه 138 من علماء المسلمين ، سواء جهلا بملابسات الموضوع أو عن عمد ، وإقحام الفاتيكان لليهود ، والقول بأن الأماكن المقدسة فى السعودية إرث من أيام عصر التنوير وليست من أيام الرسول صلوات الله عليه ، والتطاول بالحكم على حديث له بأن أرض السعودية بكلها حرم هو حديث مشكوك فى أمره ، والمطالبة ببناء كنائس وإدخال قساوسة لغرس الإنجيل هناك ، وإقامة علاقات دبلوماسية بين الفاتيكان والسعودية ، وما إلى ذلك.. فإن كل هذا الخلط يمثل استمرارا لما كان قد بدأه البابا السابق ، يوحنا بولس الثانى ، ويجاهد لتحقيقه. وقد رددت عليه فى حينها بكتاب " الفاتيكان والإسلام " وضمنته خطابا مفتوحا للملك فهد رحمه الله ، أعرض عليه فيه كل ما أتى على لسان ذلك البابا الراحل لغرس الأناجيل فى السعودية موضحا أنه يكفى سور الحرم وما بداخله للإسلام والمسلمين ، أما باقى مساحة المملكة فمن حق الفاتيكان أن يرشق بها الصلبان والأناجيل!
لذلك نناشد خادم الحرمين الشريفين بعدم الإنسياق والوقوع فى ذلك الفخ الرخيص سواء بإقامة علاقات دبلوماسية مع الفاتيكان أو بالسماح له ببناء كنائس فى أرض مقدسة هى كل ما بقى للمسلمين بعد أن تم التنازل كثيرا لذلك الغرب المسيحى المتعصب ! ويكفى تأمل العنوان الذى تصدر العرض لهذه الزيارة لندرك معنى ومغزى تلك اللعبة ..
وكلمة أخيرة اقولها للبابا، الذى ظل جالسا على عرشه حتى دخل إليه خادم الحرمين ، وعندما اقترب منه نهض ليحييه : إن من أتى لزيارتك ، بناء على مساعيك الخفية ، لا يقل عنك مكانة واحتراما بكل المقاييس ، وكان الأكرم لك يا من تتحدث عن الأخلاق والقيم ، أن تخرج لإستقباله وتحيته إجلالا له ولمكانته !

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق