البابا يواصل زيارته للقدس ويدعو لنبذ الخلافات بين الأديان
بنديكت الـ16حرص اليوم على عدم الخوض في الجوانب السياسية (رويترز)
واصل بابا الفاتيكان بنديكت السادس عشر زيارته لإسرائيل والأراضي الفلسطينية، وتميز اليوم الثاني من هذه الزيارة بالطابع الديني حيث أقام بالمساء قداسا بوادي الجوز الواقع بين جبل الزيتون وأسوار البلدة القديمة في القدس المحتلة بحضور آلاف من المسيحيين، كما صلى بمكان العشاء الأخير للمسيح.
وفي القداس الذي أقامه، اعترف البابا بما وصفها بالصعوبات والإحباط والألم والمعاناة التي يواجهها المسيحيون بالأرض المقدسة، وقال إن وجوده بينهم يظهر أنه لم ينساهم. كما حث المسيحيين على المثابرة وتحمل الصعاب.
من جانبه ألقى بطريرك اللاتين بالقدس فؤاد طوال كلمة رحب فيها بالضيف.
وقبل ذلك زار البابا الحائط الغربي من المسجد الأقصى، والمعروف باسم حائط البراق والذي يطلق عليه اليهود حائط المبكى، وترك هناك رسالة دعا فيها للسلام بالشرق الأوسط والعالم أجمع.
كما زار مسجد قبة الصخرة، والتقى هناك المفتي العام للقدس الشيخ محمد حسين، وحث المسلمين واليهود على الحوار الصادق بهدف بناء عالم من العدل والسلام.
وقال البابا إن الحرم القدسي يمثل "حافزاً" للسلام بعالم تمزقه الانقسامات" مؤكدا أن هذا الموقع المقدس يحفز ذوي النوايا الحسنة للتغلب على سوء الفهم وتجاوز صراعات الماضي، وانتهاج سبيل الحوار الصادق من أجل بناء عالم قوامه العدل والسلام للأجيال المقبلة.
وفي أعقاب الاجتماع، قال الشيخ محمد حسين إنه أطلع بنديكت الـ16 على معاناة الفلسطينيين، وطلب إحقاق العدل بهذه الأرض المقدسة. ولما سئل عن رد البابا، قال مفتي القدس إنه "بدا متقبلاً".
من جهتها منعت سلطات الاحتلال النقل المباشر لوقائع الزيارة إلى الحرم القدسي الشريف، كما منعت الصحفيين الفلسطينيين من نقل وقائع الزيارة في حين سمحت للصحفيين كافة بمتابعة زيارة البابا لحائط البراق.
وقال مراسل الجزيرة بالقدس إلياس كرام إن البابا حرص اليوم على عدم الخوض في الجوانب السياسية والتأكيد على الرسائل الروحية الداعية لنشر المحبة والسلام وتعزيز الحوار بين الأديان، مشيرا إلى أن الحواجز الإسرائيلية منعت الكثير من المسيحيين الفلسطينيين من حضور القداس الذي أقامه.
في هذه الأثناء أعلنت الشرطة الفلسطينية بمدينة بيت لحم بالضفة الغربية حالة الاستنفار القصوى عشية زيارة بابا الفاتيكان للمدينة غدا الأربعاء.
انتقادات الفاتيكان
البابا يحيي حشدا من مستقبليه قبل إقامته القداس (رويترز)
يأتي ذلك في وقت انتقد المتحدث باسم الفاتيكان تقارير وتصريحات إسرائيلية وصفت ماضي البابا الألماني الأصل بالماضي النازي.
وقال فريدريكو لومباردي خلال مؤتمر صحفي عقده بالقدس إنه تم تجنيد يوزف راتسينغر وهو الاسم الأصلي للبابا، عنوة في الجيش الألماني خلال الحرب العالمية الثانية مشدّداً على أنه لم يكن محاربا وإنما هو رجل ينشد السلام.
كما تطرّق للغضب الذي يسود إسرائيل بسبب ما سماه عدم تنديد البابا بالفظائع التي ارتكبها النازيون بحق اليهود خلال المحرقة، وقال إن البابا استنكر أعمال النازيين وهو غير معتاد على تكرار أقواله مرات كثيرة، وخلال زيارته لمتحف يد فَشيم، اختار أن يركز على الذكرى واحترام ضحايا المحرقة وحتى أنه أكد أن الكنيسة الكاثوليكية كافحت دائما ضد جرائم ضد البشرية كهذه.
وكانت صحف إسرائيلية أبرزت اليوم تصريحات غاضبة لمسؤولين بسبب عدم اعتذار البابا عن محرقة اليهود إبان الحكم النازي لألمانيا، خلال خطابه بمتحف المحرقة بالقدس الغربية أمس الاثنين.
ونقلت صحيفة يديعوت أحرونوت عن رئيس الكنيست رؤوفين ريفلين قوله: لقد جئت إلى متحف يد فشيم ليس فقط للاستماع إلى أوصاف تاريخية أو حقيقة حدوث المحرقة، وإنما جئت كيهودي يطالب بسماع طلب بالاعتذار والصفح من أولئك الذين تسبّبوا بكارثتنا وبينهم الألمان والكنيسة، لكن لأسفي فإني لم أسمع شيئا من هذا القبيل.
كذلك قال رئيس متحف يد فَشيم الحاخام الرئيسي السابق لإسرائيل مائير لاو، إن مجرد زيارة البابا وخطابه يستحق التقدير، لكن خطابه تضمن إهدار فرصة تاريخية، وينقصه التعبير عن المشاركة في الألم والأسى على ضحايا المحرقة.
وفي المؤتمر الصحفي نفسه تطرّق المتحدث باسم الفاتيكان إلى مداخلة رئيس المحاكم الشرعية الفلسطينية الشيخ تيسير التميمي خلال لقاء البابا برجال دين مسلمين ومسيحيين ويهود أمس الاثنين، وقد غادر البابا اللقاء على اثرها.
وقال لومباردي إنه واضح أن مداخلة التميمي لم تكن مخططة وقد رأينا خلال اللقاء أنه طلب من المنظمين التحدث كبادرة نية حسنة لمدة دقيقة واحدة، واعتقدنا أن الحديث يدور عن كلمات شكر وتقدير وعندها حدث ما حدث كما شاهدتم وقد كان هذا غير متوقع وسيئا.
وكان التميمي قد دعا البابا للتدخل لوقف الممارسات وأعمال القتل التي تنفذها إسرائيل ضد الفلسطينيين.
وفي غزة، قال القيادي بحركة المقاومة الإسلامية (حماس) محمود الزهار إنه لم يعلق أي آمال كبيرة على زيارة البابا، وأعرب عن أسفه لما صدر عن البابا بالسابق من تصريحات بشأن الدين الإسلامي والنبي محمد (عليه الصلاة والسلام).
المصدر: الجزيرة + وكالات
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق